80
كلامٌ صعبٌ، لكِّنه حقٌ!

متى 22-25

أصدقائي المستمعين ..
نحيِّيكم باسم الله ، رب السلام ، الذي يريد أن يفهم الجميع طريق البرِّ الذي أسَّسه ، وأن يخضعوا لهذا الطريق ، فيكون لهم سلامٌ حقيقيٌّ معه إلى الأبد. يسعدنا أن نكون معكم مرة ثانية اليوم ، لنقَّدم لكم حلقة أخرى من برنامجكم .. ‘‘طريق البر’’.

في حلقتنا السابقة، رأينا المسيَّا يسوع وهو يدخل أورشليم، مدركاً تمام الإدراك أن أورشليم هي مدينة الكهنة والكتبة ـ أي الأشخاص ذاتهم الذين كانوا يتآمرون معاً لقتله! كان يسوع يَعلَم بكل ما كان سيحدث له، إلا أن هذا لم يمنعه من الذهاب إلى أورشليم. إذ كان يعلم أنه وُلِد لكي يموت كذبيحةٍ للتكفير عن خطايا العالم. ولم يكن متبقِّياً إلا بضعة أيام قبل أن يمسكه الكهنة، ويجعلوه يُسَمَّر على صليب.

ولهذا، أعزائي المستمعين، أينما كنتم اليوم، نسألكم أن تنتبهوا جيداً، إذ يوجِّه الرب يسوع تحذيره إلى حكَّام اليهود الدينيين، ويوبِّخهم على ريائهم وشرِّهم. إن الكلام الذي سنسمعه اليوم، هو كلامٌ صعبٌ، ولكنه حق. فأحياناً، يكون سماع الحقيقة أمراً مؤلماً. ودرس اليوم مليء بمثل هذه الكلمات المؤلمة. وهنا يَصدُق المثل القائل: ‘‘الحقيقة .. تلسع كالشطة!’’

وكما رأينا في الدرس السابق، أنه بعد أن دخل يسوع أورشليم، كان يذهب كل يوم إلى الهيكل، ويعلِّم الشعب. وكان القادة ومعلِّمو الدين يتحيَّنون الفرصة كل يوم لكي يمسكوا يسوع بكلمة، تعطيهم حجَّةً لقتله. ولكنهم كانوا يخافون الجموع، الذين كانوا يستمعون إليه بكل انتباه دون أن يفوتهم كلمة واحدة.

وفي إنجيل لوقا، والأصحاح العشرين، يقول الكتاب:
‘‘فراقبوه، وأرسلوا جواسيس يتراءون أنهم أبرار؛ لكي يمسكوه بكلمةٍ حتى يسلِّموه إلى حكم الوالي وسلطانه. فسألوه قائلين: يا معلِّم، نعلم أنك بالاستقامة تتكلَّم وتُعلِّم، ولا تقبل الوجوه، بل بالحق تُعلِّم طريق الله. أيجوز لنا أن نعطي جزية لقيصر أم لا؟ فشعر بمكرهم، وقال لهم: لماذا تجرِّبونني؟ أروني ديناراً! لمن هذه الصورة والكتابة؟ فأجابوا وقالوا: لقيصر! فقال لهم: أعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله! فلم يقدروا أن يمسكوه بكلمة قدَّام الشعب. وتعجَّبوا من جوابه، وسكتوا.’’ (لوقا 20:20-26)

‘‘في ذلك اليوم، جاء إليه صدُّوقيون الذين يقولون ليس قيامة، فسألوه قائلين: يا معلِّم، قال موسى إن مات أحدٌ وليس له أولاد، يتزوَّج أخوه بامرأته، ويقيم نسلاً لأخيه. فكان عندنا سبعة إخوة، وتزوَّج الأول ومات. وإذ لم يكن له نسل، ترك امرأته لأخيه. وكذلك الثاني والثالث إلى السبعة. وأخر الكل، ماتت المرأة أيضاً. ففي القيامة، لمن من السبعة تكون زوجة؟ فإنها كانت للجميع! فاجاب يسوع وقال لهم: تضلُّون إذ لا تعرفون الكتب، ولا قوة الله!’’
(متى 23:22-29)
‘‘.. أبناء هذا الدهر يزوِّجون ويتزوجون. ولكن الذين حُسِبوا أهلاً للحصول على ذلك الدهر والقيامة من الأموات، لا يزوِّجون ولا يتزوَّجون. إذ لا يستطيعون أن يموتوا أيضاً؛ لأنهم مثل الملائكة، وهم أبناء الله، إذ هم أبناء القيامة. وأما أن الموتى يقومون، فقد دلَّ عليه موسى في أمر العلَّيقة كما يقول: ‘الرب إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب’. وليس هو إله أموات، بل إله أحياء؛ لأن الجميع عنده أحياء.’’ (لو 27:20-38)

‘‘فلما سمع الجموع، بُهِتوا من تعليمه. أما الفرِّيسيون، فلما سمعوا أنه أبكم الصدُّوقيين، اجتمعوا معاً. وسأله واحد منهم، وهو ناموسي، ليجرِّبه قائلاً: يا معلِّم، أية وصيَّة هي العظمى في الناموس؟ فقال له يسوع: تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيَّتين، يتعلَّق الناموس كله والأنبياء.
‘‘وفيما كان الفرِّيسيون مجتمعين، سألهم يسوع قائلاً: ماذا تظنُّون في المسيح؟ ابن من هو؟ قالوا: ابن داود! قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً: قال الرب لربي، اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك؟ فإن كان داود يدعوه رباً، فكيف يكون ابنه؟ فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة. ومن ذلك اليوم، لم يجسر أحد أن يسأله بتَّةً.’’ (مت 33:22-46)

‘‘حينئذ خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلاً: على كرسي موسى جلس الكتبة والفرِّيسيون. .. ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا؛ لأنهم يقولون ولا يفعلون. فإنهم يحزمون أحمالاً ثقيلة عسرة الحمل، ويضعونها على أكتاف الناس، وهم لا يريدون أن يحرِّكوها بإصبعهم. وكل أعمالهم يعملونها؛ لكي تنظرهم الناس. فيُعَرِّضون عصائبهم، ويعظِّمون أهداب ثيابهم. ويحبون المتَّكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع، والتحيَّات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس: ‘سيِّدي .. سيِّدي!’ وأما أنتم، ..
.. فلا تدعوا أحداً ‘سيِّدي’؛ لأن معلِّمكم واحد، المسيح، وأنتم جميعاً أخوة.
.. ولا تدعوا لكم أباً على الأرض؛ لأن أباكم واحد، الذي في السموات.
.. ولا تُدعَوا معلِّمين؛ لأن معلِّمكم واحد، المسيح.
.. وأكبركم يكون خادماً لكم. فمن يرفع نفسه، يتَّضع؛ ومن يضع نفسه، يرتفع.

‘‘ويلٌ لكم، أيها الكتبة والفرِّيسيون المراؤون؛ لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدَّام الناس، فلا تدخلون أنتم، ولا تَدَعوا الداخلين يدخلون!
‘‘ويلٌ لكم، أيها الكتبة والفرِّيسيون المراؤون؛ لأنكم تطوفون البحر والبَرِّ لتكسبوا دخيلاً واحداً. ومتى حصل، تصنعونه ابناً لجهنم أكثر منكم مضاعفاً!
‘‘ويلٌ لكم، أيها الكتبة والفرِّيسيون؛ لأنكم تعشِّرون النعنع والشبث والكمُّون، وتركتم أثقل الناموس: الحق والرحمة والإيمان. كان ينبغي أن تعملوا هذه، ولا تتركوا تلك. أيها القادة العميان الذين يُصفُّون عن البعوضة، ويبلعون الجمل!
‘‘ويلٌ لكم، أيها الكتبة والفرِّيسيون المراؤون؛ لأنكم تنقُّون خارج الكأس والصحفة، وهما من داخل مملوآن اختطافاً ودعارة!
‘‘ويلٌ لكم، أيها الكتبة والفرِّيسيون المراؤون؛ لأنكم تُشبهون قبوراً مُبيَّضَة، تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة. هكذا أنتم أيضاً، من خارج تظهرون للناس أبراراً، ولكنكم من داخل مشحونون رياءً وإثماً!
‘‘ويلٌ لكم، أيها الكتبة والفرِّيسيون المراؤون؛ لأنكم تبنون قبور الأنبياء، وتزيِّنون مدافن الصدِّيقين. وتقولون: لو كنَّا في أيام آبائنا، لما شاركناهم في دم الأنبياء. فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء. فاملأوا أنتم مكيال (خطية) آبائكم. أيها الحيات أولاد الأفاعي، كيف تهربون من دينونة جهنم؟ .. يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة أولادها تحت جناحيها، ولم تريدوا!’’
(مت1:23-37)

‘‘ثم خرج يسوع، ومضى من الهيكل. فتقدَّم تلاميذه لكي يُرُوه أبنية الهيكل. فقال لهم يسوع: أما تنظرون جميع هذه؟ الحق الحق أقول لكم، إنه لا يُترَك ههنا حجراً على حجر لا يُنقَض. وفيما هو جالس على جبل الزيتون، تقدَّم إليه التلاميذ على انفراد قائلين: قل لنا متى يكون هذا، وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟
‘‘فأجاب يسوع وقال لهم: انظروا، لا يُضِلُّكم أحد. فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: ‘أنا هو المسيح’، ويضلُّون كثيرين. وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. انظروا لا ترتاعوا؛ لأنه لابد أن تكون هذه كلها. ولكن ليس المنتهى بعد. لأنه تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن. ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع. حينئذٍ يسلِّمونكم إلى ضيق، ويقتلونكم، وتكونون مُبغَضين من جميع الأمم لأجل اسمي. وحينئذٍ يعثر كثيرون، ويُسَلِّمون بعضهم بعضاً، ويبغضون بعضهم بعضاً.
‘‘ويقوم أنبياء كذبة كثيرون، ويضلُّون كثيرين. .. حينئذ، إن قال لكم أحد: ‘هوذا المسيح هنا أو هناك’؛ فلا تصدِّقوا. لأنه سيقوم مُسَحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب؛ حتى يضلُّوا لو أمكن المختارين أيضاً. ها أنا قد سبقت وأخبرتكم. فإن قالوا لكم: ها هو في البرية، فلا تخرجوا. ها هو في المخادع، فلا تصدِّقوا. لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب، هكذا يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان.
‘‘وللوقت، بعد ضيق تلك الأيام، تُظلِم الشمس، والقمر لا يعطي ضوءه، والنجوم تسقط من السماء، وقوات السموات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ، تنوح جميع قبائل الأرض، ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوقٍ عظيم الصوت، فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح، من أقصاء السموات إلى أقصائها.’’ (مت 1:24-31)
‘‘ومتى جاء ابن الإنسان في مجده، وجميع الملائكة القدِّيسين معه، فحينئذٍ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميِّز بعضهم من بعض، كما يميِّز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن اليسار.
.. ثم يقول الملك للذين عن يمينه:
‘تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعَدَّ لكم منذ تأسيس العالم.’
.. ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار:
‘اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدَّة لإبليس وملائكته.’
.. فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي، والأبرار إلى حياة أبدية.’’
(مت 31:25-34؛ 41-46)

أعزائي المستمعين ..
بهذا نكون قد وصلنا إلى حيث ينبغي أن نتوقَّف اليوم!
.. وقد سمعنا الرب يسوع، وهو يوبِّخ الحكام الدينيِّين على ريائهم وقساوة قلوبهم.
.. وسمعناه أيضاً يحذِّر تلاميذه بخصوص هؤلاء الذين سيأتون من بعده، مدَّعين أنهم أنبياء، خادعين الكثيرين.
.. وفي النهاية، سمعنا الرب يسوع، وهو يعلن أنه سيعود يوماً إلى الأرض، آتياً من السماء مع ملائكته المقتدرين قوَّةً، ليدين أولئك الذين يرفضون أن يطيعوا خبر الله السار بشأن المسيِّا، مخلِّص الخطاة.

نعم، لقد سمعنا بعض الكلمات الصعبة اليوم، ولكنها أيضاً كلمات طيِّبة وصالحة؛ لأنها حق. وهي كلمات عجيبة لكل من يؤمن بها؛ لأن الرب يسوع قال:
‘‘وتعرفون الحق، والحق يحرِّركم’’ (يو 32:8)
أصدقائي المستمعين ..
.. نشكركم على كريم إصغائكم!
وندعوكم أن تكونوا معنا في الحلقة القادمة، لنتعلَّم معاً عن واحدٍ من تلاميذ يسوع، الذي ذهب إلى رئيس الكهنة، لكي يخون يسوع ويسلِّمه إلى يد هؤلاء الذين أرادوا أن يقتلوه ..

وليبارككم الله، وأنتم تتأمَّلون فيما أعلنه الرب يسوع، عندما قال:
‘‘تضلُّون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله!’’ .. ولكن ‘‘الحق يحرِّركم!’’
(مت 29:22؛ يو 32:8)
ـــــــــــ

الدرس الحادي والثمانون | فهرس دراسات طريق البِرّ | المكتبة | الصفحة الرئيسية