الصوم الذي يرضي الرب

نشأت في أسرة مسلمة محافظة وقضيت صباي كغيري من أبناء بلدي، وكان أهلي يمارسون الشعائر الدينية ومناسباتها الكبرى دون تعصّب ، كنا مثلا نصوم شهر رمضان كأي انسان ، ولم نفكرة مرة بخلاف ذلك ، ولكنني اعترف بان الصوم لم يرق لي، لا لأنني كنت عاجزا عنه او محتقراً لدين آبائي، بل بكل بساطة كنت املّ واسأم كثيرا في تلك الفترة ، وبعد ليالي الافراط في الطعام والشراب مع الأسرة والاصدقاء ، كانت تأتي الأيام المملة والتي كانت اتصورها بأنها لا تصلح الا للتثاؤب.
لماذا لا نجرب ؟
في احدى ايام رمضان وكنت في السادسة عشر من العمر ، خرجت مع صديق لي نسير في احد الشوارع فأخرج من جيبه ورقة خضراء وقال:
لماذا لا تحاول ان تشغل نفسك بشيء ما ؟ يمكنك ان تحصل بواسطة هذه الورقة على دروس من الكتاب المقدس وبعض المطبوعات . انني انا شخصيا اقرأ هذه الدروس واجد فيها لذة ومتعة. فلمَ لا تجرب ؟
وهكذا وصلتني الدروس الأولى وأسرَّتني جداً اذ كانت تتكلم عن موسى وابراهيم وداود وغيره من النبياء . ولكن ما شدّ انتباهي أكثر من غيره حياة المسيح . كنت اسمع عنه من قبل كنبي. ولم يكن شخصه يشغل أفكاري كتلك المرة. والأمر الذي استحوذ على اهتمامي كونه المخلِّص من الخطية. كان في داخلي شيء ما يحثّني ان أظهر للنور مسألة الخطية الكامنة في قلبي وحياتي. كنت تماماً كغيري من الشباب ، ولم اكن اسوأ منهم ، ولكني لم أعرف السلام مع الله ، ولا كيف سأمثل أمامه دون خوف. وهل كان ممكن ان يكون حلّ لهذا الوضع؟ أما الدروس فقد لخّصت لي التعليم المسيحي ، تعليم الكتاب المقدس ، وأكّدت لي ان الوسيلة الوحيدة ليكون الإنسان مقبولاً عند الرب هي وضع الثقة في المسيح المُخلِّص. وهكذا قررت أن أثق بيسوع كمخلص شخصي لي وان اتبعه. يومها لم اكن اعلم ماذا يترتب على ذلك من نتائج هامة في حياتي اليومية. ولكن امراً واحداً كان يبدو لي عاجلاً وضرورياً، ألا وهو التطهّر من خطاياي أمام الله القدوس.
وبسرعة لاحظ من هم حولي تغيّراً في حياتي. أما أسرتي فقد اعتبرت اهتمامي المفرط بالشؤون الروحية أمراً يشغل البال . وزيادة على ذلك فقد عرفوا ان ما يهمني بالدرجة الأولى هو يسوع وليس الدين بحد ذاته. ومع ذلك فلم يعادوني ما عدا زوج اختي الذي كان يعارض قائلاً: لا تهتم بالدين المسيحي لأننا لسنا بمسيحيين. أما واالدتي فقد كانت تقف الى جانبي وتجيب قائلة: دعه وشأنه لأن ما يفعله لا يؤذي احداً.
وفي الوقت تفسه كان وجودي مع احد المسيحيين في صف واحد يشجعني تشجيعاً عظيماً. كنا نتحدّث احياناً عن الإيمان وعن المسيح، وككل الشباب في سننا نحلم ونبني مشاريع للمستقبل، وخصوصاً السفر الى فرنسا، البلاد التي كنا نعتبرها بسذاجة بلاد المسيحيين. فزيارة واحدة للقنصلية الفرنسية اعادتنا الى الواقع، اذ جعلونا نرى المجموعة الكبرى من الأوراق الواجب ملئها والشروط العديدة الواجب توفيرها في من يريد الهجرة الى فرنسا، وإلا فوضعنا غير نظامي دون اوراق ونتعرّض لملاحقة السلطة.
الأخوة المسيحية
عرفت في بادئ ذي بدء انه علي ان ابحث عن صحبة وشركة مع المسيحيين، واصبح عضوا في جمعية محلية. ووجدت في مدينة مجاورة مجموعة ممن احبوا المسيح مثلي، كنا حوالي العشرين شخصاً على الأكثر شباب وشابات، رجالا ونساء. عوضت هذه الإجتماعات عليّ نقص الشركة مع المؤمنين في حياتي اليومية. وفي عام 1974 حصلت على عمل في الادارة حيث اجبرت نفسي على الحديث لزملائي عن إيماني بالمسيح. تخيل لي آنذاك بأن جهودي كانت تضيع سدى لأنني اصطدمت باللا مبالاة او بالأحرى بالخوف. وكل انسان يعلم الخطر المحدّق بمن يعارض التيار الديني العام في بلدي. وأحيانا كان البعض يستجوبون أسرتي قائلين: لماذا يحضر ابنكم اجتماعات مسيحية؟ وكان أهلي يرتبكون عند الإجابة، وهذا ما كان يقلقني لأنني السبب. ولكن بنعمة الرب لم يحدث شيء. والى يومنا هذا لم أُضْطَهّد في بلدي بسبب إيماني وسأتابع طريقي الى النهاية بعون المسيح.
لماذا يحضر عبدالله اجتماعات مسيحية؟ لو طرح عليّ هذا السؤال لما وجدت صعوبة في الإجابة عنه. فالكتاب المقدس واضح كل الوضوح في هذا الموضوع، اذ على كل مؤمن ان لا يبقى على انفراد لأنه يشكل مع الآخرين اسرة واحدة. وهذه الأسرة لا يعبد أعضائها الرب منفردين فحسب ولكنهم يعبدونه مع بعضهم بعضاً ايضاً . نعم فالشركة والأخوّة المسيحية تشكلان حقيقة هامة اختبرتها في حياتي مع الزمن . انها فرح وقوة وليست التزاماً مضجراً. فلقد بحث عني الرب وخلَّصني وجعلني عضوا في أسرة كبيرة تدعو الله أباً لها. وهذا الأب لا يطلب مني ان أرضيه بالصوم الشكلي المفروض علي فرضاً ، ولا ينظر الى المظاهر والممارسات الطقسية. ما يرضيه هو ان يكون هو لي وانا أكون له من جهة. ومن جهة الناس ان يكون لي استعداد للمحبة الخالصة المتجسدة في ما اعمل وافكر واقول كل يوم في حياتي. أليس هذا صوما اختاره( يقول الرب) حل قيود الشر. فكّ عقد النير واطلاق المسحوقين احرار وقطع كل نير (اشعياء 6:58).

 ش. عبد الله



عزيزي القارئ : ان المسيح الحيّ المقام من الأموات لا يزال يُخَلّص كل من يؤمن به . استجر به حالاً تائباً من كل قلبك يسمعك وينقذك من قصاص خطاياك ويعفيك من الدينونة الرهيبة ومن غضب الله في العذاب الأبدي والطرح في جهنّم النار، يكتب اسمك في كتاب الحياة ويجعلك مقبولاً لدى الله بالبر والتقوى . ان السيد المسيح يعرض نفسه عليك الآن ليُخلّصك من عبودية خطاياك والقصاص المتوجب عليها . فهل تستجيب له وتتبعه قبل فوات الاوان ؟ واذا اختبرت خلاص الرب شخصياً واردت ان تخبّر به اكتب لنا