حادث في خندق


كنا فريقا من الجنود ، على مقربة من نهر . وكان علينا في الصباح ان ندخل الخندق الذي نحفره لنؤدي مهمتنا . واذا بسحابة قاتمة مسرعة الينا، حاملة في طياتها شظايا قنابل العدو. واذا بزميلنا "ب." يخر على الأرض كأنه كتلة صماء . سارع اليه بعض الرفاق ليأخذوا بيده، ولشدة ما كانت دهشتهم حينما رأوا حالته ان لا علاج لها . لم يكن على مقربة منا أحدى مراكز التمريض ، فجاء الرفاق ببعض الأكياس والملابس القديمة ووضعوها تحت رأس زميلنا المحتضر . ووضعوه في طرف الخندق ليموت...
وفجأة سمع أحدنا صوتا منخفضا يقول : " أليس من يستطيع ان يخبرني عن الطريق الى السماء؟ " وللأسف كان الجواب بالنفي لكن لا بد ان بعض الجنود يعرفون.
استغاثنا بآخر ان "ب." يحتضر ويريد ان يعرف الطريق الى السماء ، فهل من يلبي النداء ؟ فلم يعرف هو ايضا وهكذا سرى الخبر من الى آخر جندي في الخندق ، ومع الأسف الشديد ان بين الستة عشر زميلا لم يوجد من يعرف الطريق الى السماء. يا لها من كارثة ! ستة عشر ممن نشأوا في بيئة مسيحية لا يستطيعون ان يساعدوا زميلهم المشرف على الموت! وكم من امثالهم لا يعرفون أية آية في الكتاب المقدس تهدي الضالين الى طريق السماء.
أسرع أحدنا الى خندق آخر فاستنجد بالجندي الحارسقائلا: "معنا أحد الجنود يحتضر ويريد ان يعرف الطريق الى السماء فهل عندك له جواب ؟" .
وأجاب ذلك الحارس الوديع بابتسامة " نعم " . وضع يده في جيبه وأخرج العهد الجديد، وفي سرعة خاطفة قلّب صفحاته وقال لصاحبنا " أنظر هذه العلامة بقلم الرصاص . وضع اصبعك عليها واذهب لتقدم لأخينا المحتضر هدية العمر بل هدية الأبد" .
أسرع صديقنا الى الخندق وناول الكتاب لرفيق ورفيق حتى وصل الى زميلنا الذي بجانب "ب." انحنى عليه ولمس كتفه وفتح المحتضر عيناه ببطئ شديد بعد ان جمّع قواه وقال له لقد عرفتها يا صديقي، عرفت طريق السماء : هذه هي : “لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.” (يوحنا 3: 16) .
ملأ السلام محيّا "ب." وهو يردد هذه الكلمات: " كل من يؤمن" . وفي لحظة انقطع عن الكلام وعاد الى الصمت الطويل.
تعاول الرفاق جميعا على انهاضه، واذا بهم يرون يديه مرفوعتين الى السماء . وفي بسمة نورانية هادئة نطق بهذه الكلمات "كل من يؤمن" على اثرها رقد رقاد الموت. ويا له من انتقال عجيب، من ميدان القتال الى حضرة المسيح ... ليكون معه .
أيها القارئ العزيز دعني أؤكد لك وأنا قد اهتديت بحمد الله الى طريق السماء ، ان هذه الحقيقة التي لا غنى عنها . يسوع هو المخلص الحقيقي الوحيد، يسوع القائل: أنا هو الباب ... ان دخل بي أحد يخلص" يوحنا 10 :9
يسوع البار الذي مات من اجل الأثمة لكي يقربنا الى الله ، وهو جالس الآن عن يمين الله مكللا بالمجد والكرامة، يسوع المخلص الوحيد والطريق الوحيد الى السماء .
“قال له يسوع انا هو الطريق والحق والحياة.ليس احد يأتي الى الآب الا بي.” يوحنا 14: 6

“وليس باحد غيره الخلاص.لان ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص” اعمال 4: 12
 


 

Back