العلامة الحمراء

كانت كيتي شيلي تنظر من وراء زجاج النافذة، مترقبت توقف المطر. لكن كانت الأمطار تتزايد، وبدت الرياح تعصف... وتحول سقوط الامطار الى عواصف رعدية هائجة. وفجأة هالها المنظر... يا للكارثة... لقد فاض النهر الذي كان يبعد أقل من كيلومتر واحد من منزلها. فكانت المياه تحطم الجسر الذي على النهر... وهذا الجسر مهم جدا، إذ أن القطار يمر فوقه وهو محمل بالعمال والمسافرين...

لم تقدر كيتي على تصّور ما يحدث، فقررت أن تذهب الى ناظر المحطة لتخبره بالكارثة... لكن المسافة كانت تزيد عن كيلومترين... ولم يكن لديها أية وسيلة للمواصلات... والعاصفة شديدة...

أخذت كيتي الطرق الوعرة، وسط العاصفة، والرياح تضرب بها من كل صوب... حتى وصلت الى ناظر المحطة، كانت خائفة جدا، وبدت عليها علامات التعب والقلق... ما أن أخبرت ناظر المحطة، حتى أرسل الناظر العمال ليضعوا علامات الخطر الحمراء في طريق القطار...

إقترب القطار، ولاحظ السائق العلامات الحمراء، فأسرع بإيقاف القطار، وعندئذ عرف الجميع المصيبة التي كانت ستحل بهم حتما، لولا تدخل هذه الفتاة الشجاعة...

صديقي لعلك سمعت عن مودي المبشر الشهير... هل تعرف أهم ما أثر في حياته ... يقول مودي بينما كنت في المؤتمر الذي عقد في إنجلترا سنة 1867، كان أحد المتكلمين في المؤتمر يدعى دكتور Duff . كان Duff مرسلا الى بلاد الهند، وقضى هناك 35 سنة يكرز بالإنجيل، ولما عاد الى بلدته Edinbrugh بجسم محطم، أعطيت له الفرصة ليخاطب المحفل العام، لحثه على إرسال كارزين الى الهند التي لا تعرف المسيح.

وبعد أن تكلم مدة طويلة، بلغ به الإعياء حتى أنه أغمي عليه. فحملوه من قاعة المحاضرات الى مكان آخر، وهناك أسعفه الإطباء حتى أفاق. ولما أفاق أصرّ على الذهاب مرة أخرى الى قاعة المحاضرات. حاول الأطباء كثيرا ثني عزمه ، إذ كان يعرّض حياته للموت من شدة الإرهاق... لكنه كان يصرّ  على إتمام حديثه حتى ولو مات...

فحملوه الى القاعة، وبدأ يكمل كلامه وهو يرتعش، والدموع تجري من عينيه...فقال يا آباء وامهات اسكتلندا، هل حقا ليس لديكم أولادا لترسلوهم لعمل الرب في الهند!؟ أما كنتم تقدمون اولادكم بسخاء، لو طلبت الملكة متطوعين للجيش!؟ والآن عندما يطلب الرب يسوع عمالا، أتجيبه اسكتلندا بأنه ليس لديها!؟

فبالنسبة لي، بالرغم من أني جئت لأموت هنا في أرض الوطن، لكن في حالة عدم وجود من يذهبون ويبشرون، ويضعون علامات التحذير الحمراء، أمام الملايين في الهند، من الذين يهوون الى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، فإني سأعود الى شواطئ نهر الكينج لأضع حياتي شهادة لإبن الله.

صديقي، هل رأيت تلك العلامة الحمراء التي يضعها الرب في طريقك كل يوم ليحذرك لكي ترجع اليه!؟ وكم من الحوادث نجاك الله منها... وكم من الأمراض شفاك الرب منها... ففي الصليب نرى العلامة الحمراء...  وهل تخبر الأخرين عن الرب، بوضعك أمامهم علامات حمراء...

Back

رجوع الى الصفحة الرئيسية